13/10/2021
لاحقا لورقة الموقف التي أصدرتها جمعية مجتمع الانترنت بتاريخ 13/6/2021 والتي رحبت خلالها برفع وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات القيود المفروضة على المزودين بخصوص تقديم خدمة الألياف الضوئية للمنازل، ونبهت خلالها إلى ملاحظات هامة بخصوص النموذج التجاري الجديد في تقديم خدمة الانترنت، فإنّ الجمعية ومن منطلق مسؤوليتها المجتمعية تؤكد مجدداً على ما ورد في تلك الورقة إضافة إلى بعض الملاحظات الهامة التي ظهرت من خلال القرارات الأخيرة الصادرة عن وزارة الاتصالات و تكنولوجيا المعلومات ، وهنا ندعو إلى أخذ هذه الملاحظات على محمل المسؤولية من المؤسسات ذات العلاقة، لما فيها من مصلحة عامة للمواطن الفلسطيني.
أولاً: المنافسة على تقديم خدمة الانترنت عبر الشبكة النحاسية
- تستغرب جمعية مجتمع الانترنت الفلسطيني تحويل الوزارة سوق خدمة الانترنت لسوق غير تنافسي خلافاً لتصنيف الأسواق المعتمد عبر قرارها رقم 115 للعام 2021 بتاريخ 22-03-2021.
- إنّ هذا التحول في سوق خدمة الانترنت من سوق تنافسي الى سوق غير تنافسي سينتج بسبب منح الوزارة امتيازات جديدة لشركة الاتصالات الفلسطينية (بالتل). أبرز تلك الامتيازات تتمثل بوقف الفصل الهيكلي بين بالتل وحضارة (المملوكة بالكامل من بالتل) والذي سيمكن بالتل من تقديم الخدمة مباشرة للمشتركين دون أن تضطر لدفع رسوم الربط البيني، تلك الرسوم التي يدفعها المزودون لبالتل والتي تثقل كاهل المزودين.
- إنّ قيام الوزارة بتوحيد أسعار خدمة الانترنت المقدمة من بالتل بمختلف السرعات رغم وجود منافسين من جهة، مع استمرار تباين وارتفاع أسعار خطوط النفاذ عبر الشبكة النحاسية والمقدمة حصريا من بالتل من جهة أخرى، يمثل تسهيلا من الوزارة لقيام بالتل بالاستحواذ على الخدمة نظرا لعدم وجود منافسة حقيقية. وهو ما يخالف تعليمات حماية المنافسة في قطاع الاتصالات الصادرة عن وزارة الاتصالات والمعتمدة من مجلس الوزراء.
ثانياً: المنافسة على تقديم خدمة الانترنت عبر شبكة الالياف الضوئية
- ترحب الجمعية بما قامت به وزارة الاتصالات من رفع متأخر للقيود على الشركات المرخصة بتقديم خدمة الألياف الضوئية للمنازل بموجب أحكام رخصة النطاق العريض.
- تستغرب الجمعية استحداث الوزارة لقيود جديدة متمثلة بتحديد مناطق الخدمة، بشكل يخالف نطاق رخصة النطاق العريض.
- ترى الجمعية أنّ هناك تناقض صريح في القرارات الأخيرة، ففي حين تلزم تعليمات الربط البيني المرخص له المسيطر بفتح شبكته للنطاق العريض مما يسمح للمرخصين الآخرين تقديم خدماتهم عبرها، تأتي هذه القرارات بقيود إضافية تتمثل بتقييد استخدام المرخصين لخطوط النفاذ عبر شبكة الألياف الضوئية الخاصة بشركة الاتصالات الفلسطينية، وذلك بإجبارهم على بناء شبكات مماثلة خاصة بهم، رغم أنها لا تملك الحق ببناء شبكات وفق أحكام رخصتها. لذلك، فإن التقييد الجديد من الوزارة، سيحرم تلك الشركات من حقوقها بتقديم خدماتهم للمشتركين على الشبكة الجديدة للمرخص المسيطر وسيتسبب بإقصائها.
ثالثا: غياب المنافسة على تقديم خدمة الانترنت في النموذج الجديد
- إنّ الواقع الجديد الذي تقدمه الوزارة سيتسبب بإضعاف المنافسة، بل وإنهائها على الشبكة النحاسية وتفرد المهيمن بتقديم الخدمة عليها، سيما أنّ الشبكة النحاسية ستبقى ولمدة طويلة هي الخيار الوحيد في أغلب المناطق الريفية مع وجود القيود الإسرائيلية على البنى التحتية وانخفاض العائد على الاستثمار في تلك المناطق. وهذا سيؤدي إلى اضعاف المنافسة مما سيسمح للشركة المهيمنة بتثبيت الأسعار وزيادة التربح وتجنب أي تدخل بدعوى وجود منافس آخر لم يتمكن من الوصول لتلك المناطق.
- إنّ نموذج التنافسية المطروح إعلاميا في تقديم الخدمة هو شكلي فقط، ففي ذات الوقت الذي يتم فيه تقديم امتيازات جديدة للمهيمن، يتم وضع معيقات على الشركات المرخصة سيُفضي الى اقصائها، وسيتيح التخلص من الضوابط التنظيمية وسيتسبب بشكل مباشر بالإضرار بمصلحة المشترك.
- إنّ ادخال شركة مهيمنة كشركة الاتصالات الفلسطينية الى سوق تقديم خدمات الانترنت سيعود على المشترك الفلسطيني بمنفعة قصيرة المدى ستزول مع اقصاء آخر منافس وسيطرة الشركة على السوق. وعليه، تجد الجمعية في قرارات الوزارة الأخيرة تقويض لنموذج المنافسة القائم وقلب للسوق من المنافسة في الخدمة الى منافسة في توفير الشبكة والذي سيؤدي إلى اقصاء الشركات الصغيرة غير القادرة على بناء الشبكات، وسيحقق منافسة زائفة سيكون الخاسر فيها هو المستهلك، كما هو الواقع بسوق الهاتف المحمول الفلسطيني.
وأخيراً، تستغرب الجمعية تجاهل الوزارة للتعليمات التنظيمية المعتمدة من مجلس الوزراء كتعليمات الربط البيني وتعليمات حماية المنافسة في قطاع الاتصالات، ومخالفة أحكام الرخص الصادرة من الوزارة والمعتمدة من مجلس الوزراء كأحكام رخصة النطاق العريض، ومخالفة الدراسات الدولية بخصوص تعزيز المنافسة على شبكات الألياف الضوئية كدراسة البنك الدولي الاخيرة.
وهنا تناشد الجمعية فخامة الرئيس لوقف التعديات التي ترتكبها الوزارة على الأنظمة والقوانين المعتمدة لصالح رأس المال وعلى حساب المواطن. ونؤكد على دعوتنا السابقة والمستمرة لإنشاء هيئة مستقلة لتنظيم قطاع الاتصالات وهو الأمر الذي يؤدي إلى نقلة نوعية في قطاع الاتصالات تطبيقا لقانون الاتصالات الجديد الذي اعتمد مؤخراً من قبل سيادة الرئيس.